عادلة بيهم الجزائري

لم تكن المرأة السورية لتحظى بكثير من الفرص لتثبت ذاتها، ولم يكن لديها متّسع من الخيارات لتحقق أحلامها وطموحاتها، ومع ذلك؛ لم تُثنها الصعوبات وشحّ الإمكانات والأدوات، عن رسم خط ريادي في كنف مجتمع متنوع ومحافظ في آن معًا، واستطاعت الناشطة السورية، عادلة بيهم الجزائري، أن تنحت صورة مضيئة لنضال المرأة السورية؛ حتى لُقّبت برائدة الحركة النسائية في سورية.

وُلدت عادلة بيهم الجزائري عام 1900 في دمشق، ونشأت وتلقّت علومها في معهد (الدياكونيز) الألماني، واستوفت علوم الدين على يد العلامة عبد الله البستاني صاحب المعجم الشهير (البستان)؛ ما منحها لغة عربية رصينة، مكّنتها من المشاركة في مجالات الإعلام والمنابر السياسية.

دعت إلى التحرر متيقنةً من أن المجتمع الذي يتطلّع نحو الأفضل، لا بدّ أن يُطلق العنان لفكره، وآمنت بالعمل الخيري والمنفعة المشتركة، فبدأت تجربتها النضالية مُبكرًا، عندما تطوعت وهي في السادسة عشرة من عمرها لخدمة الفقراء والمنكوبين، تُقدّم لهم الغذاء والدواء والكساء عبر الجمعيات السرية.

تزوّجت عام 1922 من “مختار” نجل المناضل المعروف “عبد القادر الجزائري” وأنجبت منه ولدين، ولم يمنعها الزواج من إتمام مسيرتها، فشاركت في مقاومة الاستعمار الفرنسي، وخرجت في المظاهرات المناهضة للاستعمار عام 1925، كما دعمت من خلال الجمعيات السرية حركة المقاومة بكل الأشكال المتاحة؛ ما دفعها إلى تشكيل لجنة خاصة بمساعدة أُسر الثوار.

ذيّلت مقالاتها باسم (الفتاة العربية) في جريدتي المفيد والفتى العربي، وترأّست عام 1916 لجنة تشرف على دار الصناعة، لتشارك في تقديم وجبات مجانية لنحو 1800 عاملة يعملن في صناعات عدّة كالنسيج والغزل والأشغال اليدوية.

سخّرت نفسها لدعم المرأة ورفدها بمزيد من الأفكار النيّرة والعلم، فاستعملت اسمها المستعار لنشر الوعي القومي بين صفوف النساء، وأفراد الطبقات المتوسطة والفقيرة.

شاركت في تأسيس “جمعية يقظة الفتاة العربية”، وشيّدت “جمعية الأمور الخيرية للفتيات العربيات”، بناديها ومدرّسيها.

وضعت عام 1933 مع زميلاتها نواة الاتحاد النسائي العربي السوري، الذي ابتدأ بثلاث جمعيات نسائية، وصار بعد ذلك يضم أربع عشرة جمعية، وانتُخبت رئيسة له، وبقيت في هذا المنصب حتى عام 1967 إذ غدت رئيسته الفخرية.

لم يقتصر نشاط الجزائري على العمل في الميدان الداخلي، بل تجاوزه إلى الميدانين: العربي والدولي، فكانت إحدى المؤسسات للاتحاد النسائي العربي العام، ومثّلت سورية في لجنة حقوق المرأة التابعة للأمم المتحدة أكثر من مرة.

توفّيت عام 1975 عن عمر يناهز الخامسة والسبعين عامًا، واعترافًا بفضلها أطلقت وزارة التربية على المدرسة الجديدة المُحدثة في شارع ناظم باشا في حي المهاجرين اسمها.

تابعنا